فلسطينيون بلا حدود
اهلا بجميع الزوار الكرام نورتو المنتدى
فلسطينيون بلا حدود
اهلا بجميع الزوار الكرام نورتو المنتدى
فلسطينيون بلا حدود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فلسطينيون بلا حدود

موقع لكل العرب للتذكير بارض فلسطين الغاليه
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة
    بحـث
     
     

    نتائج البحث
     
    Rechercher بحث متقدم
    المواضيع الأخيرة
    » كيف مزاجك اليوم ؟
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 24, 2013 2:41 am من طرف ندى الورد

    » ساصمت ولن اتكلم
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 24, 2013 2:39 am من طرف ندى الورد

    » فلسطينه
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 13, 2012 10:20 pm من طرف فلسطيني حر

    » العزه
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 13, 2012 10:19 pm من طرف فلسطيني حر

    » اليك سيدتي اكتب
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 14, 2012 6:41 pm من طرف سيد الامنيات

    » افضل برنامج لاستعادة الملفات المحذوفه من الفلاش مميموري
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 14, 2012 5:09 pm من طرف سيد الامنيات

    » مساحات العمر
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالسبت أغسطس 04, 2012 7:41 pm من طرف سيد الامنيات

    » مبروك ..مبروك ..مبروك عليكم شهر رمضان المبارك
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالأحد يوليو 15, 2012 12:49 am من طرف ندى الورد

    » مباركه للصديقه ياسمين ام سلطان
    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالأحد يوليو 15, 2012 12:45 am من طرف ندى الورد

    ازرار التصفُّح
     البوابة
     الصفحة الرئيسية
     قائمة الاعضاء
     البيانات الشخصية
     س .و .ج
     بحـث
    منتدى
    التبادل الاعلاني
    احداث منتدى مجاني

     

     رواية السقوط بالجنه

    اذهب الى الأسفل 
    3 مشترك
    كاتب الموضوعرسالة
    سيد الامنيات
    Admin
    Admin
    سيد الامنيات


    عدد المساهمات : 3388
    نقاط : 59235
    السٌّمعَة : 158
    تاريخ التسجيل : 26/03/2010

    رواية السقوط بالجنه  Empty
    مُساهمةموضوع: رواية السقوط بالجنه    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 30, 2010 11:47 pm

    السقوط إلى الجنّة

    حالما تتفتح زهرة يقترب أجلها.. نقطفها من بستانها.. نعرّيها.. نغتصبها..و تذهب نشوة السكر حين تذبل الزهرة.. فندوس عليها.. و ننتظر الربيع المقبل..
    لو لم أسكر.. لفكّرت في طريق آخر.. ربّما لفكّرت في الاختباء في البستان مع إحدى الزهور.. نتفتّح و نغلق في مزيج إلهي من التضحية و الأنانية إلى أن تنفذ حصصنا من الربيع من جعبة الزمن..


    *****


    فتحت عيوني ببطء.. لم أكن أدري أين أنا.. كان المكان معتما للغاية و ربّما لم يكن مظلما لكن لم يبد أنه يوجد أيّ نوع من الألوان في هذا المكان..
    الرائحة كانت عطرة.. رائحة لم تنجح في إخبات نجمة في سماء الخوف و الرهبة التي أحاطت بي بل ربّما وسّعتها.. و تحت سماء الخوف هذه انتفضت بعنف عندما ميّزت عينان تحدّقان بي.. راودني شعور بأن تلك النظرات كانت تحيط بي منذ البداية رغم أنّ الأمر بدا أشبه بالبرق.. اشتعلت غريزتي أو ربّما جبني و خوفي ليدفعاني للهروب و لكنني كنت عاجزا كليّا عن الحركة.. و أثناء تكراري المحاولة انبعث صوت في أذني:
    - لا تحاول.. القبر مكان أضيق من أن تتحرّك فيه..
    صوت أنثوي بعث الرعشة في أظافري.. تشنّج جسمي بقوّة عندما تخلّصت من صدمة صوتها و انتقلت إلى صدمة كلماتها..
    لطالما تخيّلت اللحظة التي نواجه فيها الموت, تخيّلت تذكّري لكلّ أحداث حياتي.. لكلّ الذين أحببتهم و كرهتهم.. تخيّلت ملك الموت فوقي بشكله المنفر.. تخيّلت لحظات مؤثرة قبل الموت.. أمّا الآن فلا أذكر حتى كيف متّ, كان يشوب ذكرياتي عن حياتي ضباب كثيف و لكنّني لم أتذكّر أي شيء عن موتي على الإطلاق..
    كنت قد بدأت في ابتلاع الموقف بنجاح, ربّما لا يعني ذلك تلاشي أيّ من مخاوفي و إنّما حصرها فيما تحمله إليّ جليستي.. و كأنها رسول أخبار سيئة.. ما عليه إلا البلاغ.. و ربّما بعض العزاء..
    فكّرت أن هذا نوع من الاستجواب الذي نتعرّض له في القبر.. و رغم أنّني لم أكن واثقا من أنّني قادر على الكلام إلا أنّ هذا لم يمنعني من المحاولة.. و بكل طبيعية وجدت نفسي أترجم أسئلتي على لساني:
    - لا بدّ أنّك من الملائكة المكلّفين بتعذيب و استجواب أهل القبور.. أليس كذلك؟
    تمكّنت في الظلام من أن ألمح طيف ابتسامتها و هي ترد بسؤال آخر:
    - و هل تتوقّع تعذيبا في قبرك؟
    تسرّب شعاع من الطمأنينة إلى أعماقي.. بلهجة تملّكها التردد رغما عني قلت لها:
    - في الواقع لقد كنت إنسانا صالحا.. أو طيب القلب.. أعني ربّما لا أكون إنسانا بعيدا عن الذنوب و لكنّني أعتقد أنّه....
    قاطعتني ضحكتها بغتة.. أحسست مع ضحكتها أن القيود من حولي بدأت بالانفكاك, كان من الغريب أن أحسّ بانتشار الدم في عروقي داخل قبر.. و لكن الأشدّ غرابة هو أن يكون هذا الإحساس مألوفا.. أن تكون هذه الرعشة التي تنتابني مألوفة..
    لم تدعني أغرق كثيرا في إشارات الاستفهام التي أحاطت بي.. بل راحت تطفئ أسئلة أخرى كانت ضحكتها قد أنستني إيّاها:
    - لا لست من الملائكة.. أنا بشر مثلك.. و قد وقع الاختيار على كلّ منّا ليكون شريكا للآخر في الرحلة
    - أيّة رحلة؟
    - إلى السماء.. أم أنّك تريد إمضاء وقت أطول في هذا المكان؟
    لم تبد دعابتها مضحكة لي في ذلك الوقت, و لكنّني لم أتمكّن من طرح أي سؤال آخر.. فاقتربت مني مبتسمة و همست:
    - لنبدأ رحلتنا..
    ثمّ ازداد خفوت صوتها بشكل مثير:
    - لا تقلق.. لن يكون ذلك صعبا.. فقط استرخ و دعنا نغادر هذا المكان بسرعة.. فأنا أيضا لم يرقني على الإطلاق..
    و مدّت يدها فأمسكت بها معصمي.. أحسست بجسدي يعتصر و سمعت أصوات فحيح.. و بدا لي أنّني ألمح بابا يفتح في وجهي على مصراعيه.. و دون أن أشعر بجسدي يتحرّك.. وجدت نفسي فوق المقبرة.. ارتفع ببطء دون أن أملك حركة أو توجيها لجسمي.. تسارعت دقّات قلبي.. ثم أحسست بيدها تفلت معصمي و هي تقول:
    - أرأيت؟ لم يكن الأمر بهذه الصعوبة..
    كان حلقي جافّا.. فاكتفيت بالصمت.. فابتسمت و أجابت صمتي بالصمت..
    و رحنا في ظلمة الليل نرتفع رويدا رويدا..


    *****


    من الواضح أن عتمة القبر نجحت إلى حدّ بعيد في إخفاء جمال هذه المخلوقة عنّي. فرغم أن رحلتنا من الأرض ولدت في ظلمة الليل إلا أن إشراقة كإشراقتها كانت أعظم من ألا تفضح.. بشرتها تنافس ثوبها الأبيض بياضا, خصلات شعرها المعتم تنبع من خلف القوس الذي يكبت ثورة غموضها.. عيناها لا تكفّان عن الضحك بصمت كطفلين في الجنة.. و أحمر الشفاه على شفتيها كان يبثّ الدفء في أوصالي.. كانت طاهرة و كأنّها خارجة من شعاع نور لا من قبر, لطالما تخيّلت وجودنا ما بعد الموت عراة لكنّ ثوبها الأبيض لم يسرق شيئا يذكر من قدسية الموقف, ألقيت تلقائيا نظرة سريعة على ثيابي و لكنّني لم أجد ما يفاجئني, فدفعتني ألفتي للثياب التي كنت أرتديها إلى محاولة ربطها بآخر أيام حياتي علّني ألمح بريقا يبدّد الظلام الذي أحاط بموتي..
    ألوان ربيعيّة و أشجار مزهرة.. لعلّها لم تكن صور ملائمة للموت بأي حال من الأحوال إلا أن الألم الرهيب الذي سبّبته هذه المحاولة لرأسي أقنعني بالاكتفاء بما وصلت إليه, فرحت أشغل تفكيري بتأمّل الأراضي التي كنّا نبتعد عنها.. تمنّيت لو أنني اصطحبت معي إلى جانب ملابسي ورقة و قلما لأكتب عمّا أشاهده و ما يتخبّط في أعماقي.. كنت أودّع الأرض.. أودّع الدنيا.. كانت الأشجار ترفع رؤوسها و كأنها تشفق علي ممّا أنا ذاهب إليه.. كنت أشعر بأنّ الكلّ يرانا.. إلا البشر.
    أرواح خالصة..!
    ماذا عن الأشياء التي كنّا نستشعر بها أرواحنا في الدنيا؟ أبيات الشعر التي تنتقل من موطن ألم إلى آخر كما تنتقل من قلم شاعر لفم آخر..! غروب الشمس الذي يجلس الملايين كل يوم يتأمّلونه بصورة غرق آلهة في البحر كما تغرق أحلامهم في منطلق قلوبهم..! حزننا و كيف كنّا نخبّئه في رائحة الوسادة التي توشك أن تتعفّن و حتى في عزلة دورات المياه..! دموع أمّ..! غصّة أب..!
    لطالما طلبت منّي روحي أن أدعو الله أن يجعل أجلي قبل أجلهما كي لا أحزن على فراقهما.. و هاهو الفراق واحد.. بل لعلّ ألمهم أكبر لأنهم الباقون و أنا راحل إلى ما هو جديد.. وجه أناني في أعماقي يفضح الآن فجّر في شعوري براكينا من الخجل.. فأطلقت زفرة قوية أهرب بها من نفسي..
    - من أنت؟
    انعكس سؤالي على وجهها كطيف دهشة خجول بدا لي أنّها أخفته بقوّة و هي تقول:
    - لا فائدة للأسماء الآن.. عليك أن تعتاد على فكرة وجودي كما اعتدت على سائر الأمور التي مررت بها..
    - ما معنى أن نكون سويّة؟
    - كنت لتوجّه هذا السؤال لأيّ شخص غيري, ليست العبرة الآن في من نكون.. ألم تنتبه إلى شيء آخر في صحبتنا؟
    بحلقت فيها للحظة قبل أن تكمل بابتسامة مترقّبة:
    - ذكر و أنثى مثلا؟؟
    اعترتني الدهشة من تعليقها على نقطة كهذه في موقف كهذا.. لكنّني حاولت مسايرتها:
    - آدم و حوّاء؟
    فأطلقت ضحكة مبتورة.. أو كأنّها مصطنعة ثم قالت:
    - و من تظنّ نفسك؟ بكل الأحوال من يدري؟
    تملّكتني بعض العصبية بسبب السخرية التي بدت في جوابها فرحت أمطرها بأسئلتي:
    - هل تعرفين شيئا عن موتي؟ لماذا يبدو أنّك تعرفين كلّ شيء عمّا نمرّ به على عكسي تماما؟ ألست مثلي؟
    أجابتني بصمت مطبق لكنّني كنت في ذلك الوقت أقسم بكلّ الألفاظ التي أعرفها أنها تحتضن كلّ الأجوبة.. التزمت الصمت بدوري و أشحت بنظري عنها متظاهرا بأنني أتأمّل ملامح الأرض الدقيقة.. و ما في داخلي يحترق بأسئلتي و مخاوفي التي كانت تكبر باقترابنا ممّا لا أدري ما هو على الإطلاق..


    *****


    - إذن مصيرنا بعد الوصول الجنة أو النار.. أليس كذلك؟
    رميت بهذا السؤال كمحاولة لتبديد السلبية التي سكنت بيننا في حوارنا الأخير.. و فيما يبدو كانت محاولة ناجحة فقد عادت الابتسامة ذاتها إلى وجهها.. ثمّ سألتني:
    - كيف تتخيّل الجنّة؟
    نظرت طويلا إلى الأرض التي صارت شديدة البعد عنّا و احترمت هي الوقت الذي أخذته في التفكير قبل أن أجيبها:
    - لا تختلف كثيرا عن الدنيا.. نفس الشمس التي تشرق و القمر الذي يسهر.. المياه التي نحبّها و الأشجار الذي تذرف العصافير كلّ صباح.. حتى الهموم أتخيّل أنّها موجودة في الجنّة و لكن ربّما يكون القضاء على هذه الهموم أمرا غاية في السهولة في الجنّة كأن يكون في الجنّة مكانا نصرخ فيه بكل ما لدينا من قهر دون أن يسمعنا أحد..
    هزّت برأسها و كأنها تحاول تخيّل الجنّة بمنظوري.. فأكملت:
    - ماذا عنك؟ كيف تتخيّلينها؟
    فأجابت بسرعة و كأنها كانت تنتظر سؤالا كهذا:
    - مثل جنّتك تقريبا.. هي كالدنيا لكن مع وجودنا مع من نحبّ..
    و مع دوي كلماتها الأخيرة في أذني شعرت بعيونها تزداد جمالا و ضياءا ففتحت فمي كالأبله و كأنني أنتظر منها أن تكمل وصفها لجنّتها.. لكنّها و كردّة فعل على ما بدا علي وجّهتني إلى سؤال آخر:
    - هل تتوقّع الجنّة؟
    - أتمنّى ذلك.. كنت أؤمن بالحياة بعد الموت.. و بالحساب.. و بتحقيق العدل في يوم كهذا.. كنت أصلّي و أصوم.. لا أتوقّع نهاية سيئة لي..
    - هذا عن سلوكك مع الله.. ماذا عن سلوكك مع البشر؟
    - لا استطيع تذكّر أيّ شيء مميّز عن هذا في حياتي.. لكن لا أعتقد أنّ هناك إنسانا يعيش بدون أخطاء.. كلّنا نخطئ و لهذا نحاسب.
    - و ماذا عن الآن؟ ماذا تعرف عن نفسك الآن؟
    بدا سؤالها غريبا.. ما معنى أن يكون لنا سلوك نخطئ أو نصيب فيه بعد الدنيا؟
    - ما جوابك؟
    قطع سؤالها شرودي فأجبت بسرعة:
    - من الصعب تحديد ذلك, فلا وجود للبيئة التي توفّر كوننا أحرارا فيها قبل أن نحاسب.. لا أظنّ أنّنا سنواجه تحدّيات جديدة.. ليس هناك طريق خير و طريق شرّ.. و ليس هناك ما نضحّي من أجله..
    مطّت شفتها دون أن ترد بشيء.. فسألتها بدوري:
    - و أنت؟ هل تتوقّعين الجنّة؟
    - لست شديدة التفاؤل مثلك..
    قالتها بابتسامة حاولت فيها أن تخفي الخوف في أعماقها و لكنّها بدلا من ذلك رسمت بابتسامتها كلّ الضعف الذي قد يسكن البشر.. كان اكتشاف الضعف فيها مدهشا لي للغاية, لكنّني ابتلعت دهشتي بسرعة مدركا أنّ الموقف يحتاج لعبارات مواسية, فلم أجد أمامي إلا شمّاعة واحدة اعتاد البشر تعليق كل أنواع الخطيئة عليها:
    - الشيطان هو السبب..!
    و انهالت مني عبارات الشتائم و اللعنات على الشيطان إلى أن قاطعتني:
    - بل السبب يكمن في أعماقي و الشيطان لم يكن له إلا دور لا يذكر.. من السخف تحميل مخلوق تافه مثله أخطاءنا..!
    كنت في أعماقي مقتنعا بكلامها لكن آلمني أن تجابه نفسها به.. راحت تكمل:
    - هو ضعيف.. مخلوق من خلفه بشر.. بينما نحن كنّا بشر من خلفنا إله.. الكفّة كانت لنا.. لصالحنا لكنّنا أخطأنا.. و لكن الكلّ يستحقّ فرصة.. حتى الشيطان يستحقّ فرصة..!
    نظرت إليها باستنكار عند آخر جملة قالتها.. فأكملت:
    - و هل تظنّ أنّ الشيطان لا زال منشغلا بإفساد حياتنا؟ لقد كتب عليه أن يكون إلها فاشلا.. رغم نجاحاته التي لا تعدّ و لا تحصى إلا أنّ هزيمة واحدة لإله كفيلة بسحق ألوهيّته.. تمكّن من خداع آلاف البشر.. أغوى مئات الملائكة.. لكنّه لم يتوقّع في يوم من الأيام أن يقع في حب إحداها.. هو لا يفكّر في فرصته.. بل يفكّر في قراره.. و تحسّبا لأي قرار تركنا و انصرف يسجد لآدم في حيرة ليل نهار..
    فتحت فمي مشدوها..! ثم سألت بصوت يرتجف من الرهبة:
    - هذه القصة صحيحة؟
    مطت شفتها و هي تنظر إلى الأعلى:
    - لا.. أو ربّما, من يدري؟
    رمقتها بعيون من الدهشة و الاستغراب.. لم أكن أعرف ما الذي يدفعها لاختراع قصّة كهذه إلا أنّها و رغم كلّ غرابتها كانت رائعة.. كانت خروجا عن المألوف في قلب ما هو خارج عن المألوف..


    *****


    - استعد.. سنطير بعد قليل بين الكواكب و النجوم.. في الفضاء..
    كنت قد اعتدت كلّ ما هو حولي.. أتقبّل كلّ جديد بصدر رحب و رهبة يشوبها الحماس.. أخذت نفسا عميقا حاولت أن أستعدَ به لكل ما يمكن أن يطرأ من تغيّرات في الضغط و المناخ و الحرارة.. إلا أنّ الأمر كان أشبه بطرفة عين وجدنا أنفسنا بعدها نسبح في الفضاء و بقرب الأرض.. كان هذا مخيّبا للآمال إلى حدّ ما بالنسبة لي فالتفت إليها لأسألها.. و لكنّ أسئلتي كلّها أخرست دفعة واحدة..
    كنت أنظر إلى موطن جمال في موطن جمال.. لا يمكنني أن أوصف روعتها إلا بأنّني كنت أنظر إلى كسوف بألوان معكوسة.. قمر مضيء شقّ فيه نبيّ فتحة فنزفت على طرفيها حمرة.. و من فوق هذا القمر يبرز قوس شعرها كشمس خجولة ترينا أطرافها على شكل خاتم يلمع.. و من تحت القمر انسدلت عتمة الفضاء كلّه في ثوبها الأبيض.. و شعرها يصرخ بصمت و ظلام لا متناهيان.. و لو أنّ البشر يقضون ساعات في تأمّل كسوفهم فكسوفي كفيل بجعلي أتأمّله دون توقّع نهاية للظمأ الذي تخلقه روعة كهذه..
    - ما بك؟
    قالتها مبتسمة و هي تنظر إلي فتدفّقت كل دماء جسدي إلى وجنتاي دفعة واحدة و تراكبت كلمات كثيرة داخل فمي قبل أن أنجح بصعوبة في إخراج كلمات مقتضبة:
    - هل أنت حورية من حوريات الجنّة؟
    أدركت على الفور أنّ هذا أسخف ما يمكن أن أنطقه في هذا الموقف, بل إنّ محاولة إخفاء ارتباكي هذه جعلته يتضاعف آلاف المرات و انتقل إليها حاملا معه تدفّق الدم إلى وجنتاها فردّت بأنوثة لها نكهة من الجنّة بكلمة واحدة:
    - شكرا..!
    عدت أحاول إصلاح الموقف مرة أخرى:
    - لا.. أعني أنا لا أجامل عادة..! و إنّني..
    اختفى الفضاء كلّه من حولنا بغتة باترا معه عباراتي و نظراتها اللي كانت تتنفّس الحياة..
    كنّا فيما يشبه قبّة لا حدود لها.. لا بداية و لا نهاية.. و السكون يفوق سكون الفضاء بآلاف المرات.. شحب وجهها بشكل مخيف و هي تقول:
    - لقد وصلنا..


    *****

    أدركت أنّ هذه مرحلة الحساب أو ربّما أولى مراحله.. لم يكن هناك وجود لأحد غيرنا.. كانت أطراف شعري ترتجف معي و كدت أحس قلبي ينخلع من مكانه.. تلاحقت أنفاسي بترقّب أنتظر فيه ظهور أحد ما أو انبعاث صوت من أيّ مكان..
    - عليّ أن أغادر الآن..!
    كان الصوت صوتها هي.. لحقت به دموعها التي كانت تهوي مع ارتجافها.. راحت تهتف بكلمات متقطّعة و هي ترتجف و تبتلع رغما عنها بعضا من دموعها:
    - ألا تذكرني الآن؟
    حاولت بالفعل أن أقرن صورتها بأي شيء في ذاكرتي عبثا.. فأجبتها بيأس:
    - لا...
    - لم أكن أتوقّع أنّك ستحمل معك قسوة قلبك إلى هنا.. من أيّ شيء مصنوع أنت؟؟!
    - تمهّلي.. أنا لا أفهمك..!
    لم أكن أبدا في حاجة للانفعال الذي نقله لي هجومها..! حاولت ضبط نفسها باعتصار زنديها بأصابعها و أخذت شهيقا عنيفا و انطلقت تشرح كلّ شيء:
    - هكذا كنت و هكذا ستكون.. إن كنت بالفعل لا تذكر من أنت فسأذكّرك.. أنت الشاب الغني الذي يملك بأمواله كلّ ما يتمنّى.. أنت صاحب لسان جعل سائر الفتيات يتمايلون طربا لسماع غزلك بهم.. غزلك الكاذب.. أنت أكبر عاشق للنساء عرفته المدينة.. تنتقل من سرير إحداهنّ لسرير أخرى.. و حين تعود إلى سريرك لا تعود إلا بصحبة إحدى الغبيّات اللواتي يؤمنن بإخلاصك الزائف و حبّك المبتدع.. أمّا أنا..! فأنا إحدى الغبيّات اللواتي صدّقن أن في أعماقك نقطة انطلاق جديدة.. و كغيري رقصت وحيدة طويلا في غرفتي على ذكرى كلماتك.. و بدأت بتغيير نفسي علّني أناسب رجلا مثلك.. و انتهى الأمر بي في سريرك.. كنت إحدى الغبيّات اللواتي عرفن كلّ شيء عنك و لكننّي أقنعت نفسي بأنّ القصة معي مختلفة.. و هي بالفعل كانت مختلفة.. فأنا دون غيري من الغبيّات أحمل في أحشائي طفلك.. ضريبة شهوتك و حماقتي.. أتظنّ أنّك بموتك ستفلت؟
    تملّكني الوجوم.. كنت لسبب ما لا أشعر بالدهشة.. فتمتمت:
    - و الآن عقابي أن أحرم من الجنّة.. جهنّم في انتظاري إذن.. أليس كذلك؟
    ازداد انهمار دموعها و هي تهزّ برأسها نفيا.. فتدفقت أطنان من الطمأنينة إلى قلبي فلم أحاول حتّى أن أخفي ابتسامتي التي دفعتها إلى الرد عليها بحدّة:
    - بل أنّ الجنّة على بعد خطوة واحدة منك.. و لكن عليك أن تتّخذ قرارا بشأن ما رافقتك كلّ هذه الرحلة من أجله.. أنا هنا الآن لأعرض عليك عرضي.. و ينتهي بالنسبة لي هذا الحلم و أعود للدنيا..
    - أنت لست ميتة؟ آه تتواصلين معي عن طريق الأحلام..! كيف تفعلين ذلك؟
    لم يبد أنّها أعارت ذرّة من الاهتمام لسؤالي فأكملت:
    - إمّا أن تدخل الجنّة الآن.. و إمّا أن تلحقني إلى الدنيا لتصلح ما أفسدته و تتحمّل مسؤولية ما أنجبته..
    - هذا هو العرض؟ فقط؟؟
    هزّت رأسها إيجابا و كلّ ملامحها تصرخ باليأس.. ثمّ بدأت تبتعد عنّي بخطوات للوراء و هي تقول:
    - هذه هي البيئة التي توفّر لك حرية الاختيار قبل أن تحاسب.. إنّه قرارك.. قرارك وحدك..
    و اختفت و كأنّها سراب.. تاركة إيّاي وحيدا في مواجهة قرار بحجم القدر..


    *****


    لم يبد لي أنّ الأمور تمت إلى المنطق بصلة.. دخول الجنّة بقرار.. قرار ما بعد الموت..!
    جثوت على ركبتي و رحت أفرك عيوني بشدّة علّني استيقظ من حلم أو ينتهي هذا الأمر كلّه بشكل ما ولكن بدون فائدة.. أمسكت برأسي بقوة و رحت أركّز في أفكاري.. الجنّة على بعد خطوة واحدة منّي.. الخلود و السعادة.. ما الذي قد أبغيه من فتاة في الدنيا؟ بل ما الذي أبغيه من كلّ الدنيا؟ لم قد أعود إلى فتاة لم أحبّها؟ و إلى طفل لم أرده؟ بل إنّ هذا الطفل كفيل بإحضار مشاكل لا تنتهي معه إلى الدنيا.. ثمّ أن الموت الذي لا أذكره قد يكون تجربة بشعة قد لا أرغب في تكرارها أبدا.. و من يتمنّى تذوّق الموت مرّتين؟ كان كلّ ما بداخلي يصرخ بقوّة بأن أطرق أبواب الجنّة بكلتا قبضتاي.. لكن بأيّ ثمن؟

    عند هذه النقطة كان المنطق ملتويا إلى حدّ مخيف..! كيف أدخل الجنّة و أنا أهرب ممّا ورائي؟ و لو سامحني الله و البشر كيف أنسى؟ كان هذا الكلام بالنسبة لي سخيفا للغاية..! و لكنّه كان و بكلّ ما للعقل من جرأة صحيحا.. و بإمكان طفل صغير إدراك أنّ ليس لي أن أدخل الجنّة دون أن أحاسب على شيء.. و لكنّها الجنّة.. جنّة السعادة و الرضا و الخلود.. أمّا الحياة فهي الآن تبدو لي أسوأ من جهنّم.. إنّي لأفضّل الحياة في العدم على النزول إلى الدنيا مرّة أخرى.. و أيّة حياة.! حياة ندم و تلقّي اللوم و دفع الثمن..! حياة محصورة في إطار أمّ طفلي الذي لم أرده..! كيف سأتمكّن من إدخال من حرمني الجنّة إلى قلبي و إكمال العمر الجديد معه؟ أنا لا أملك مثالية أبطال الروايات و الأفلام.. هذا هو الواقع.. أعرف رغبتي و لا أرغب في كبحها أبدا.. هذا قرار فوق الأخلاق.. هممت بالنهوض و لكنّني عدت لأسقط نفسي على الأرض عندما هاجمني التردد.. أغلقت عيناي و أطرقت برأسي مطلقا زفرة قوية..
    كانت خيالات الجنّة تطوف حولي و كأنّها ألف شيطان.. بل إنّني أحسست بروح الشيطان تحرّك هذه الخيالات من حولي.. كان يحسّ بضعفي و يستغلّه بكل ما لديه من متعة أو ساديّة.. كذلك كنت في الدنيا استمتع بضعفها و ضعف غيرها.. نحن كنّا كالشيطان تماما.. نموت آلاف المرّات كلّ يوم و في كلّ حياة لنا نبحث عن الضعفاء حتى نكون نحن أبطال الرواية.. و نعيش بكلّ ما لدينا من قوة حتى يكون موتنا نهاية للرواية.. في هذه اللحظة تحديدا كنت أحسد الأطفال و المجانين و الحيوانات.. لا أسوار في حياتهم..
    بدأت مرارة القرار الذي بدأ يلوح لي من بعيد تظهر في فمي.. نهضت دون ذرّة حماس.. نهضت على أنقاض جموحي و بكلّ الاستياء الذي قد يسكن البشر.. و تمتمت بصوت خائف و كأنّني أخشى من أن يسمعني أحد:
    - اتّخذت قراري.. لقد اتّخذت قراري..
    كنت انتظر حدوث شيء ما كأن تعود هي أو أن يظهر أحد ما.. و لكنّني بغتة أدركت بأنّني أسقط و أسقط.. تشنّج جسمي بقوّة و أنا أنتظر ارتطامي و لكنّ هذا الانتظار بدا طويلا للغاية.. عادت إليّ فكرة أن يكون هذا الأمر برمّته حلما فأغلقت عيناي بقوة و رحت أفرك وجهي بشدّة حتى أحسست بوجهي فجأة يحترق بشدّة فأطلقت صرخة ألم.. فتحت عيناي بعدها لأجد نفسي في غرفتي.. و فوق سريري..


    *****



    انتفضت مرّة أخرى في سريري و أنا أرتجف.. ثم هرعت إلى المرآة فوق المغسلة و كأنّني أتوقّع رؤية ما هو غير متوقّع و لكنّني لم أجد إلا وجهي الشاحب.. فتحت الصنبور و رحت أضرب وجهي بالماء بقوة ثمّ وضعت رأسي كلّه تحت الصنبور.. رفعته و أنا أشهق بقوة و خطوط الماء تسير بسرعة في ظهري.. عدت أنظر في المرآة و أنا ألتقط أنفاسي.. ثم انتزعت من نفسي ابتسامة رسمتها على وجهي علّي برؤيتها أعيد بعضا من السكينة إلى صدري.. فالأمر برمّته لم يتجاوز كونه حلما..
    عدت لأجلس إلى طرف سريري و أنا أتخبّط في أفكاري.. ثمّ نهضت و الحماس يتلبّسني و كأنني سأبدأ لفوري بإصلاح شيء ما و لكنّني لم أجد ما أفرّغ به هذا الحماس سوى تخبيط يدي بالهواء.. إلا أنّني سرعان ما حصلت على مرادي عندما نظرت إلى الساعة.. علت الابتسامة وجهي و توجّهت إلى النافذة و أخرجت رأسي ساحبا إلى رئتاي نفسا عميقا حرّرته و أنا أفتح عيناي و أمتّع خيالي بمرأى الأشجار المزهرة.. و لكن سرعان ما جمّدت فكرة الألوان الربيعية الدماء في عروقي.. تسرّبت إلى عقلي أفكار مخيفة جعلتني أرتدي ثيابي بسرعة و أركض إلى الشوارع.. أنتقل من شارع لآخر و أفكاري تتخبّط من جهة لأخرى.. إلى أن رأيتها تنتظر على الرصيف المقابل..
    هي نفسها بابتسامتها التي بدت أجمل من كلّ الزهور تقف و تنظر إليّ بكل شغف..! بدا لي أن كلّ الأشجار و العصافير تتواجد في هذا الوقت و المكان تحديدا فقط لتزيينها.. فوجدت نفسي بدون تفكير أعبر الشارع كطفل يركض وراء دميته.. و بدأت أحضّر في أعماقي عبارات أبادرها بها..
    - قف.. انتبه..!
    تسمّرت في مكاني عند صياحها لانتبه إلى السيّارة التي كانت تعبر بسرعة جنونية من أمامي.. لم أكن لأنجو من صدمة كهذه.. أرعبني الموقف كلّه و لكنّه أثار في نفس الوقت أفكارا رهيبة في رأسي.. انتفضت محرّرا نفسي من جمودي و عدت أعبر الطريق إليها فاستقبلتني بسعادة مرسومة على وجهها بلا حدود.. ثمّ أمسكت يدي وهمست:
    - لنبدأ رحلتنا..
    امتزجت عبارتها الأخيرة بكلّ مخاوفي لتنتج ارتعاشة سرت إلى الأرض من تحتي.. فعادت تشدّني من يدي و هي تهمس:
    - إنّه دورك الآن في قيادة الرحلة..

    *****

    عندما تنفذ حصصنا من الربيع من جعبة الزمن.. نعلم أنّنا نموت بكلّ عفّة.. عذرية.. و تفاني.. و بدون شكّ, هذه كلمات ندخل بها الجنّة..

    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://palestinian.forumalgerie.net
    karkoora
    فراشة المنتدى
    فراشة المنتدى
    karkoora


    عدد المساهمات : 1939
    نقاط : 54423
    السٌّمعَة : 22
    تاريخ التسجيل : 13/04/2010

    رواية السقوط بالجنه  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: رواية السقوط بالجنه    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 31, 2010 1:07 am

    رواية السقوط بالجنه  1676
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    سيد الامنيات
    Admin
    Admin
    سيد الامنيات


    عدد المساهمات : 3388
    نقاط : 59235
    السٌّمعَة : 158
    تاريخ التسجيل : 26/03/2010

    رواية السقوط بالجنه  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: رواية السقوط بالجنه    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 31, 2010 11:05 pm

    مشكوره كركوره ع المرور الرائع
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://palestinian.forumalgerie.net
    yasmeen
    نائبة المدير العام
    نائبة المدير العام
    yasmeen


    عدد المساهمات : 4139
    نقاط : 59118
    السٌّمعَة : 157
    تاريخ التسجيل : 12/04/2010
    العمر : 35

    رواية السقوط بالجنه  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: رواية السقوط بالجنه    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 01, 2010 1:48 am

    رواية السقوط بالجنه  11248.imgcache
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    سيد الامنيات
    Admin
    Admin
    سيد الامنيات


    عدد المساهمات : 3388
    نقاط : 59235
    السٌّمعَة : 158
    تاريخ التسجيل : 26/03/2010

    رواية السقوط بالجنه  Empty
    مُساهمةموضوع: رد: رواية السقوط بالجنه    رواية السقوط بالجنه  I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 01, 2010 2:55 am

    تسلمي ياسمين يا زوء
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://palestinian.forumalgerie.net
     
    رواية السقوط بالجنه
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » اقل درجه بالجنه

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    فلسطينيون بلا حدود :: منتدى لقصص والحكايات-
    انتقل الى: